وكالة مصر الإخبارية للإعلام والإعلان| الأحد 26 نوفمبر 2023
لا
شك أن حرب روسيا في أوكرانيا غيرت خريطة موازين القوى في العالم وأربكت الواقع السياسي والاقتصادي بالتبعية في كل دول العالم وهددت الأمن الغذائي في معظم الدول النامية وخلقت ثلاث تكتلات جديدة كلها تكتلات وليدة الظرف الأني للحرب نفسها المستفيدون – الخاسرون – المتربصون كل تكتل سعى إلى استغلال الحرب للوصول بهدفه الخفي إلى أقصى فائدة ممكنة ( أمريكا والناتو ) شكلا معا الداعم ووقود استمرار الحرب وبالتبعية انخرطت دول الاتحاد الأوروبي قدر ما تستطيع خاصة بعد ( بداية التعافي الاقتصادي من أثار جائحة كورونا ) معهما في استمرار الحرب ضد روسيا وانشغلت أمريكا أكثر من الجميع في الدعم اللوجيستي والعسكري للحرب في مواجهة روسيا للتخلص من تسليح قديم كان لابد وأن يخرج من الخدمة لكن نزيف الخسائر دفعها إلى تقديم المزيد من التسليح وصولا إلى أحدث ما تنتجه من الأسلحة للاستمرار في دعم أوكرانيا إذ أصبح التراجع مستحيلاً وهزيمة في مواجهة روسيا بعد التصريح بأن حرب روسيا في أوكرانيا هي مواجهة بالإنابة عن أمريكا نفسها وخاصة في ظل الضعف الأوروبي في الدعم العسكري للحرب في أوكرانيا
وتقدم
المستفيدون من هذه الفوضى العسكرية وعلى رأسهم “إيران” والتي كانت من البداية خارج السرب الأمريكي والأوروبي ومتجه بقوة نحو روسيا والصين لتدعم روسيا في حربها ولم تخفي روسيا ذلك وأدى هذا الدعم إلى المنافع المتبادله وخفف هذا التعاون الضغط على روسيا وإيران اقتصاديا في مواجهة الحظر الغير مسبوق على روسيا ومن قبلها إيران التي تصنف أكبر المستفيدين من بانوراما الحرب في أوكرانيا خاصة وان ترويج الغرب وأمريكا لإمكانيات السلاح الإيراني الداعم لروسيا كان كفيلاً بأن يجعل إيران تتقدم في تطوير ما تنتجه من مسيرات حربية وصواريخ بالستية في حقل تجارب مفتوح بأوكرانيا لتخفف أمريكا التديق على إيران اقتصاديا من أجل أن يتوقف دعمها لروسيا وتستجيب إيران سياسياً “دبلوماسية إيرانية ناجحة” بينما تستمر في المسار الذي وجدته أخيراً مع روسيا والصين ويتأصل هذا التعاون في تبادل الخبرات العسكرية والتصنيع العسكري وغيره بين البلدين.
وفي
ظل هذه الظروف وخاصة بعد توقف الامدادات الروسية لدول الاتحاد الأوروبي من الغاز تتحقق مكاسب الرابحين من الحرب وهي الدول المصدرة للغاز والنفط في مواجهة سوق مرتبكة ومرتعده من قدوم شتاء قارص البرودة بدون احتياطيات من النفط والغاز ليرتفع سعر برميل النفط إلى ما يقارب 200% من التمحور حول 40 دولار إلى ما يقارب 110 دولار ويصبح التلويح بالقدرات الانتاجية ورقة ضغط يملكها المتحكمون في هذه السوق ليحافظوا على الأسعار عند ما يريدونه وتتعاظم المكاسب مع دخول الحرب في أوكرانيا عامها الثاني.
بينما
أمريكا غارقة في دعم أوكرانيا والمشاكل الاقتصادية الداخلية والتي كادت تهدد بإغلاق بإنهيار اقتصادي وعجز عن سداد الديون وتنافس واستقطاب سياسي كبير بين الحزبين تتغير مواقف واتجاهات قوى في منطقة الشرق الأوسط تتوقف الحرب في اليمن وبرعاية صينية تتقارب الرؤى السياسية بين السعودية وإيران ويتبادلان الزيارات الدبلوماسية وتعود السفارات في البلدين للعمل وتتقارب الهند وروسيا والصين وتتوسع البريكس لتشمل السعودية والامارات ومصر من منطقة الشرق الأوسط بينما تتوقف أمريكا بعد تطبيعها علاقة اسرائيل مع ثلاث أو أربع دول عربية أمام الهدف الأكبر لإسرائيل وهو التطبيع مع السعودية وفي ظل التحضير الطويل تكاد الصفقة أن تقع.
يدخل
اللاعبون الأساسيون في إثارت المناوشات بالمنطقة ( أجنحة المقاومة في غزة- جنوب لبنان – وسط سوريا – شمال اليمن – شمال العراق ) وبحسابات خاطئة بناء على ما كان في 2006 و 2008 و 2014 من مواجهات في مشهد كأنه متكامل مع كتائب المقاومة في غزة لتفاجئي المقاومة بغزة في السابع من أكتوبر والذي سيبقى يوم مشهود في تاريخ الكيان الصهيوني في إسرائيل وبفارق يوم واحد عن السادس من أكتوبر 73 بطوفان أسموه بطوفان الأقصى أفراد بأسلحة بسيطة ووسائل لا تضاهي ما لدى إسرائيل من إمكانيات عسكرية بإختراق واقتحام وتغول لمئات الأمتار خلف الجدار وتحرك وسيطرة وقتل عسكرين وأثر أخرين والخروج بهم إلى داخل غزة وتبقى اسرائيل والعالم أمام صدمة جعلت الكيان الإسرائيلي عاجز عن الرد ليوم كامل من هول الصدمة وتندفع أمريكا في الدعم الغير محدود للكيان وتشكيل رأي عام دولي لدعم اسرائيل ومنحها الحق في الدفاع عن نفسها وأمام ذلك تجد إسرائيل ضلتها في تنفيذ مخططها الإقتصادي بالدرجة الأولى خاصة وأن حلم توقيع اتفاقية التطبيع مع السعودية الذي كان التحضير للاحتفال به قد بدء قد أصبح مؤجلا إلى أمد غير معلوم وتطلق اسرائيل هدفها المعلن وهو إبادة حماس وتهجير سكان غزة من الأرض لتحصل اسرائيل على خيرات الغاز مقابل غزة وتعيد حلم قناة غوريون وتجد الطرق الأمن لخط الربط بين الهند ودول الخليج واسرائيل ودول أوروبا عبر القطارات في ضربة واحدة لتنشأ حرب غير متكافئة بين جيش كبير مدعوم دعم مطلق من أكبر دول العالم تسليحا أمريكا والغرب وأفراد من عناصر المقاومة الفلسطينة في غزة يملكون الإرادة
وبعدد
من قذائف الهاون والقذائف المحلية الصنع المضادة للدروع وصواريخ التصنيع المحلي قصيرة المدى وتظن إسرائيل خطأ أنه في ظل هذه الحسابات ستكون حرب إبادة خاطفة تنتهي بها إسرائيل من غزة والمقاومة وتنهي القضية الفلسطينية للأبد بتهجير سكان غزة أو قذفهم للبحر أو لسيناء في مصر وتواجه آلة الحرب الإسرائيلية الجبارة مقاومة مستميته على الأرض من مقاومي الكتائب ومباشرة تبدأ أجنحة المقاومة في لبنان “حزب الله ” وفي سوريا وشمال العرق في الدعم البعيد بتوجيه الضربات المباشرة للقواعد العسكرية في هذه المناطق ويبقى تدخل حزب الله في جنوب لبنان هو المؤثر الأكبر والمخفف لحدة القصف الاسرائيلي على غزة وتتحرك البوارج وحاملات الطائرات الأمريكية في دعم صريح لإسرائيل وتهديد واضح للأجنحة خاصة في لبنان والعراق دون التلميح بإيران وتستمر المقاومة رغم سياسة الحرق الممنهج والتدمير الشامل لغزة قضمة بقضمة وشبرا بشيرا حتى يصل التدمير الإسرائيلي لكل ما على الأرض في غزة وتستمر أمريكا في تجاهل كل المطالبات الدولية والعربية بإيقاف الحرب في غزة وتغض الطرف كثيرا عن المجازر التي ترتكبها إسرائيل في مواجهة مدنيين عزل لا ذنب لهم سوى أنهم فلسطينين ولدوا على أرض فلسطين بعد احتلاها منذ أكثر من سبعون عاما حتى يصبح نصف قطاع غزة بعد 10 أيام من الاجتياح البري في ظل الأحزمة النارية التي لا تتوقف والتي قدر يومها ما القي على شمال القطاع من قذائف كان وزن بعضها ألف كيلو جرام ما يعادل 3 قنابل نووية حسب بعض المصادر الأخبرية، ويمضي القتل الممنهج والتجاهل الإسرائيلي الأمريكي حتى تصل إسرائيل من الجنوب مسيرات يمنية أطلقت من الشمال اليمني وتليها صواريخ تعترضها البوارج الأمريكية قبل وصولها إيلات وتنتبه الولايات المتحدة فجأة إلى خطورة الموقف عندما يقوم الجيش اليمني “الحوثيون” بالسيطرة على سفينة يمثل تاجر إسرائيلي المالك الأكبر لحصصها وسحبها من البحر الأحمر إلى الموانئ اليمينة ويهددون كل مرتادي الملاحة البحرية في العالم بأن كل سفينة أو ناقلة نقط يكون لإسرائيلين جزء من ملكيتها هي هدف مشروع لهم، هنا فقط تستيقظ الولايات المتحدة إلى خطورة الموقف وإلى ما يمكن أن تمثله مسيرات يمنية لا تتجاوز تكلفة صنعها بضع آلاف من الدولارات على البوارج وحاملات الطائرات الأكبر في العالم الموجودة في المياة الدولية وفي مرمى هذه المسيرات وإلى التهديد الإقتصادي للمصالح الأمريكية بالشرق الأوسط وإلى ما يمكن أن يمثله أي اعتداء من هذه المسيرات على هذه الأهداف البحرية
الكبيرة على هيبة الولايات المتحدة وأسطولها البحري خاصة وأن هيبة اسرائيل كجيش لا يقهر وسماء لا تخترق قد دمرها أمام العام مجموعة من الأفراد العزل بأسلحة بدائية الصنع صنعوها بأيديهم.
لتدعي
أمريكا وإسرائيل أنهم قد استجابوا للمطالبات الدولية بوجوب هدنة إنسانية في غزة لعدة أيام حتى تتمكن المنظمات الدولية من تقديم المساعدات الإنسانية لسكان قطاع غزة بعد 45 يوما من حرب الإبادة التي تجري في مساحة 360 كم مربع هي مساحة غزة تتركز في نصف هذه المساحة وأن هذه الهدنة مؤقتة يعود بعدها جيش الكيان الصهيوني إلى مواصلة الابادة الجماعية لغزة ومن فيها أو يهجروا منها ويتم خلال ذلك تسليم حماس خمسون مخططفاً ممن تمكن رجالها والفصائل الأخرى أسرهم يوم السابع من أكتوبر خاصة وأن إسرائيل بعد كل هذا الخراب والدمار في هذه المساحة المحدودة لم تتمكن من الوصول إليهم أو حتى توقع أين يتم احتجازهم لتدخل أمريكا وإسرائيل مجتمعين في مباحثات الهدنة في مواجهة “حماس” التي يصنفاها معا كمنظمة إرهابية وتضع
حماس للوسطاء في الصفقة شروطها وفي ظل الحراك الدولي والضغط العسكري والتهديد الغير معلن من قبل قيادة الأجنحة العسكرية في المناطق المختلفة بالمنطقة تتفاوض أمريكا حول استعادة خمسون طفلا وإمراة مخططفين وتترك ما تبقى من إجمالي 240 تم اخططافهم يوم السابع من أكتوبر وينتظران معاً اعتماد حماس للصفقة حتى تخرج كل من الولايات المتحدة وحكومة إسرائيل أن إجراءات التفاوض مع حماس توشك أن تنتهي ويعلن
الوسيط الانتهاء من الصفقة وبعدها يعلن تاريخ وتوقيت سريانها وقبل سريان الهدنة بساعات تمعن إسرائيل في القصف والقتل حتى أخر دقيقة قبل سريان التنفيذ إذ قتل القصف الإسرائيل خلال 24 ساعة من السريان فقط أكثر من 200 فلسطيني في غزة جلهم من الأطفال والنساء وتبدأ الصفقة في ظل وجود ما يقارب خمسة عشر ألف قتيل من الفلسطينين وقرابة سبعة آلاف مفقود تحت الأنقاد نتيجة التدمير الشامل لمربعات سكنية وأحياء كاملة حتى أسبح شمال غزة توصيف صحيحا للأرض المحروقة ربما كل هؤلاء المفقودين قتلى تحللت أجسامهم تحت الركام.
كل
هذه الحسابات الخاطئة منذ المناورات الروسية البيلاروسية في يناير 2022م هي ما أوصلت العالم اليوم إلى هذه الصورة القائمة حول الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان التي صدعت رؤوسنا أمريكا والغرب أنهم رعاتها والضامنين لتحقيقها وهم اليوم يدمرون بأيديهم معبدها بإنحيازهم الأعمي ودعمهم المطلق لما ترتكبه إسرائيل من جرائم في غزة والضفة الغربية، حتى اللحظة وربما يستمر مع انقضاء الهدنة المؤقتة.