الأحد 28 يناير 2023
لا شك أن قرار محكمة العدل الدولية لم يكن متوقعا بل كان مباغتا لإسرائيل وداعميها وأربك دول أوروبا والولايات المتحدة ودمر مظلومية اليهود التي يتغنون بها أمام العالم “الهولوكوست” فقد أصبحوا نازيين في إبادة جماعية لأصحاب الأرض التي تم تجميعهم عليها من شتات الاضطهاد والتهجير ليقوموا بحرب إبادة جماعية عرقية ضد مواطني دولة فلسطين في غزة تحديداً وفي باقي الأراضي الفلسطينية.
ولأن الهدف لهم ولداعميهم كان حقيقيا إبادة سكان غزة ورميهم بالبحر أو إجبارهم على الهروب عبر السور إلى رفح المصرية وسيناء ولأن قضاة الدولية أدركوا يقينا وتشكلة عقيدتهم كقضاة للحقيقة التي يراها كل ذي عينين فلم يستخدموا في حكمهم عبارة “إيقاف إطلاق النار” أو ايقاف الحرب فقرراتهم غير ملزمة وإذا ما جاء القرار بذلك وهم يدركون أنه لا ألية لتنفيذه تكون إسرائيل قد ضربت بالقرار عرض الحائط وانتهى الحكم إلى ما لم يتم تنفيذه فقد كان القرار عقلانياً تضمن الإلزام بايقاف اطلاق النار وأرغم اسرائيل على ايقاف اطلاق النار وكل عمل من شأنه خلال 30 يوما أن يوصف بجريمة حرب أو حرب إبادة أن يسجل ويوثق وأن تتولى جهات الرقابة والتنفيذ الدولية معاقبة إسرائيل كما أن القرار في حد ذاته هو قبول وجاهة أسباب بحث قضية الابادة الجماعية وهي ما ثتثبته التحقيقات والتداول للدعوى.
أصبحت إسرائيل مهددة بجريمة الابادة الجماعية لشعب قطاع غزة وفقدت المظلومية وأصبحت متهمة وأصبح الشعب الفلسطيني يواجه حرب ابادة جماعية يشارك فيها كل داعم لإسرائيل بالسلاح أو الدعم أيا كان شكل الدعم.
ولأن إسرائيل تدرك توابع قرار المحكمة خاصة على الولايات المتحدة والغرب وما يمكن أن ينتج عنه من قضايا دولية بذات التهمة يمكن أن تطال كل قادة هذه الدول وهو ما أربك المخطط وسيعمل على انسحاب الرعاة للحرب والداعمين بالسلاح والطائرات وأحدث تكنولوجيا الحروب لإسرائيل ولأن المخزونات الإسرائيلية من السلاح والزخائر قد استنفذت في عمليات الأيام الأولى من الحرب على غزة مع تهديد الشمال “حزب الله” ومع النيه المبيته لدى إسرائيل بضرورة ضرب “حزب الله” إما مباشرة بعد الانتهاء من قطاع غزة أو حتى أثناء الحرب في غزة فإن التوقيت لصدور قرار المحكمة كارثياً على إسرائيل وداعميها.
لذلك تتحرك إسرائيل كمن تلقى ضربة على الرأس دون تركيز وباندفاع شديد ولأن قرار المحكمة استند على توثيق شهادات الأمين العام للأمم المتحدة ووكالة الأونروا تحديداً فكان لابد من شن الحرب عليهما معاً وبكل قوة وشراسه.
وهناك حرب أخرى داخلية سوف تشن على كل قادة اسرائيل اللذين استخدمت تغريداتهم وتصريحاتهم كدفوع إثبات لنية الابادة الجماعية ولكنها ستبدأ لاحقاً.
ولأن إسرائيل اليوم في أضعف وضع وقدرة على الحرب تماما كالفترة التي اعقبت حرب أكتوبر 73 والتي طلبت فيها السلام مع مصر وسلمت لمصر كاملا أرض سيناء التي تقارب في المساحة دولة فلسطين الأصل التي بها اليوم الكيان المحتل والضفة الغربية وقطاع غزة فإن حكم المحكمة أتي ليزيد من ضعف إسرائيل وعزلتها وعدم إمكانية استعادة المخزونات من التسليح والجاهزية.
لذلك كان لابد من الحرب على الأمين العام للأمم المتحدة ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين “الأونروا” مباشرة ولكن الولايات المتحدة وبعض المانحين من دول الغرب لم ينتظروا حتى يجف حبر الشائعة وكأنهم من طلبوا من إسرائيل تثريبها حتى يتم اتخاذ القرارات بمنع التمويل للوكالة ويمكن لكل ذي أنف أن يشتم رائحة التأمر وتنسيق القرارات في مواجهة الحكم ونتائجة.
لكن في كل الأحوال سيبقى هذا الحكم تاريخيا ونتائجه الحتمية وسيبقى موقف أنتونيون غوتيريش قبل القرار وبعده مباشرة حيث رفع القرار إلى مجلس الأمن مباشرة وساما على صدره وستبقى دولة جنوب أفريقيا صاحبة الفضل في إصدار هذا القرار رغم أنها تبعد عن فلسطين آلاف الكيلوميترات ولا تتشارك مع فلسطين قارة ولا أمة ولا دين.