مقال رأي
لاشك أنها قناة تمتلك قدرات كبيرة وأصبح لديها كوادر مهنية محترفين بعضهم منذ تأسيسها أينما يكون الحدث تجدها مهما كانت المسافات والعوائق بل إنها تتواجد حيث الحدث بعدد كبير من الإطقم المتكاملة للتغطية ولولا وجود قناة الجزيرة لما تم توثيق الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة حتى قبل أن بحدث فكلنا يتذكر أن قنوات الجزيرة كانت موجهة صوب برجي التجارة العالمية في الولايات المتحدة الأمريكية قبل الحدث وأثناءه وبعده وكانت على الأرض بين الغبار والتراب المتناثر من التفجير وصورت ورصدت حالات القفز الحر أمام لهب النيران من الطوابق العليا وفي تغطيتها المتميزة لحربي الخليج الأولى والثانية والأحداث في أفغانستان ولقاءات أسامة بن لادن الحصرية وفي تغطيتها للربيع العربي بدء من تونس وما تلاها من فوران وكلنا يتذكر “لقد هرمنا” ووصولا لمصر واليمن وليبيا وشيئ من التغطية في سوريا والتغطية المباشرة للحرب في أوكرانيا حتى أصبح العالم بلغاته المختلفة حينما يريد أن يرى الأحداث التي تحدث أمام منزله يبحث عن بثها المباشر.
وأينما قامت الجزيرة بتغطية الأحداث واجهة التهمة القديمة الجديدة بأنها قناة عميلة تهدد أمن الدول وتتدخل في الشؤون الداخلية لها حتى أن حكومة نتنياهو في إسرائيل أصدرت اليوم قراراها بالإجماع بإغلاق مكاتب الجزيرة بأرض فلسطين المحتلة وبالخبرة بالقناة وطبيعة الحكومة الحالية في دولة الكيان كنت على يقيين بعد تغطية الجزيرة عبر البث المباشر للمظاهرات في تل أبين وغيرها من المدن ضد الحكومة في إسرائيل وخاصة بالأمس كنت متوقعا للخبر ومتأكدا من صدوره.
فهل تصدر الولايات المتحدة الأمريكية قراراً بالإجماع لتغطية الجزيرة ببث حي مباشر للمظاهرات التي تستعر يوما بعد يوم داخل معظم الجامعات الأمريكية بدعوى أنها تهدد الأمن القومي الأمريكي.
وبمراجعة التغطيات التي تقوم بها الجزيرة من غزة وما يتم توثيقه عبر هذه التغطية التي تفوقت بها الجزيرة على كل قنوات العالم وأصبحت هي جهت التوثيق الأولى لما جرى ويجري في قطاع غزة نجد أن القناة لا تعادي دول بعينها ولا أنظمة بأشخاص ممثليها لكنها تنقل الخبر لحظة حدوثه موثقا بالصورة والصوت سواء كان في غزة أو تل أبيب أو تونس العاصمة.
فهل نراجع في الوطن العربي نظرتنا لهذه القناة فقد سبقا إسرائيل معظمنا بإتهام هذه القناة بالعمالية والخيانة والسعي المتعمد لتخريب الدول وهدم الأنظمة كما فعلت إسرائيل اليوم لنوقف بث الصوت والصورة كما فعلوا ونجحنا معظمنا في التنفيذ وظلت القناة فيما تبقى أمامها من اتاحة للتغطية أن تواصل تقدمها على كل القنوات العالمية ووكالات الإنباء العالمية فمنها تخرج الصورة والصوت والخبر الذي تتناقلها غيرها من قنوات العالم ووكالاته الإخبارية.
ليس تحيزاً ولا دفاعاً لكنه تدقيق في واقع كل سكان الوطن العربي حيث يعيش من يمتلكون اللغة التي تنشر القناة بها تغطيتها في هذا الوطن الكبير شهود على ذلك وربما في كل أنحاء العالم لمن يتابعون تغطيتها باللغة الإنجليزية كلنا شهود على عدم مصداقية حكومة نتنياهو في قرارها ضد القناة ومكاتبها إلا إذا كنا نرى أن نقل واقع المظاهرات في إسرائيل عمالة لصالح الفلسطينين في غزة والضفة.
لو لم تكن قناة الجزيرة تغطي الإحداث في كل هذه الأماكن لما تم توثيق الإنتهاكات التي يرتكبها جنود وطائرات ومسيرات ومدفعية الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة ولما تقدمت بدون هذا التوثيق حكومة جنوب أفريقيا وتبعتها دول أخرى في طلبها محاكمة الكيان بتهمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة.